منه بيان يفهم أو كان لفظا يقع على نوع واحد أو صفة واحدة إلا أن عمومها ممتنع في الطبع لا سبيل إليه ولا إلى اخراج شيء محدود منه، أو كان الاثبات بكل الوجوه التي يقتضيها ذلك الاسم غير واجب بحكم الشرع بيقين، لم يلزم منه الا أقل ما يقتضيه ذلك اللفظ، لأن ما عدا هذا المقدار لا يقدر على استيفائه، والعجز علة مانعة، وغاية في البيان بأن ذلك اللفظ لم يقصد به العموم الذي لا يطاق أصلا؛ وذلك كقول قائل: ادع لي الناس أطعمهم ولا سبيل إلى عموم الناس كلهم فإنما هذا على جماعة يقع عليهم اسم ناس. وكذلك حيث ذكر الله عز وجل المساكين أو الفقراء إذ لا يطاق غير هذا أصلا، ومن كلف غيره الممتنع فقد خرج عن حد من يكلم.
فمن القسم الذي قلنا انه يكون لفظا يعم ذوي صفات شتى قوله عز وجل حيث ذكر المحصنات، فانه لا يجوز ان يخص بذلك بعض من يقع عليه هذا الاسم دون بعض، ولا يجوز أيضا أن نمتنع من إجراء الحكم حتى تجتمع جميع الصفات التي كل صفة منها ليس إحصانا. لكن إذا وجدت منها صفة واحدة فأكثر وجب لها المعبر عنها واسم يقع على العفائف والحرائر والمتزوجات والمسلمات، إلا أن يأتي لفظ مانع من عموم كل ما ذكرنا فيوقف عنده على ما قدمنا. وكذلك قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم كم النساء} (22 النساء 4) والنكاح يقع على العقد الصحيح وعلى الوطء صحيحا كان أو فاسدا، فكل من وطئها الأب بزنا أو غيره حرام على الابن، فتقول في مقدمة من هذا الباب: كل ما نكح الأب من النساء على الابن حرام، وهند نكحها أبو زيد، فهند على زيد حرام؛ فالحد المشترك ههنا النكاح والأب، والحدان المقسمان: أما في المقدمة الكبرى فالنساء والابن والحرام، وأما في الصغرى فزيد وهند وهما الخارجان في النتيجة.
واعلم أن ما قلت لك أن اللفظ الواقع على أنواع شتى هو على عمومه لكل ما تحته من الأنواع، لأنه لا جنس لها، كاللفظ الواقع على النوع الواحد في عمومه من الأشخاص ولا فرق الا أن يقوم برهان [69 و] كما قدمنا على أن المراد