قال الزمخشري: "ويجوز إذا أبدلت "نِصْفَهُ" من "قَلِيلًا" وفسَّرته به أن تجعل "قَلِيلًا" الثاني بمعنى نصف النصف، وهو الربع، كأنه قيل: أو أنقص منه قليلًا نصفه، وتجعل المزيد على هذا القليل أعني الربع نصف الربع، كأنه قيل أو زد عليه قليلًا نصفه، ويجوز أن تجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث، فيكون تخييرًا بين النصف، والثلث، والربع. . . ".
قال السمين: "وهذه الأوجه التي حكيتُها عن أبي القاسم مما يشهد له باتساع علمه في كتاب اللَّه عزّ وجلَّ ولما اتسعت عبارته".
أما أبو حيان فكان له رأيٌ مختلف في الزمخشري حيث قال: "وما أَوْسَعَ خيال هذا الرجل فإنه يُجَوِّز ما يقرب وما يبعد، والقرآن لا ينبغي، بل لا يجوز أن يحمل إلَّا على أحسن الوجوه التي تأتي في كلام العرب. . . ".
5 - وذهب الأخفش إلى أنّ الأصل: قم الليل إلّا قليلًا أو نصفه كقولك: أعطه درهمًا درهمين ثلاثة، أي: أو درهمين أو ثلاثة. قال السمين: "وهذا ضعيف؛ لأنّ فيه حذف حرف العطف، وهو ممنوع، لم يرد فيه إلَّا شيء شاذّ يمكن تأويله، كقولهم: "أكلتُ لحمًا سمكًا تمرًا". وكذا: كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟
وقد خرّج الناس هذا على بدل الإضراب".
قلتُ: ما ذكره الأخفش ذكره الفرّاء قال: "يريد الثلث الآخر، ثم قال: "نِصْفَهُ"، والمعنى: أو نصفه، ثم رخَّص له فقال: أو "انْقصْ مِنْهُ قَلِيلًا" من النصف إلى الثلث، أو زدْ على النصف إلى الثلثين. وكان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس، فلما فرضت الصلاة نسخت هذا، كما نسخت الزكاة كلّ صدقة، وشهرُ رمضان كلَّ صوم".
6 - "نِصْفَهُ": منصوب على إضمار فعل، أي: قم نصفه. حكاه مكي عن غيره. قال: "نِصْفَهُ بدل من اللَّيْلِ، وقيل: انتصب على إضمار: قم نِصْفَه، وهما ظرفا زمان". وقريب من هذا عند ابن الأنباري.