ثم قال "فإن كان اليُنْبوع بمعنى المَنْبَع كان نصب "يَنَابِيعَ" على المصدر، أي: سلكه سلوكًا في ينابيع، وأدخله إدخالًا فيها، على أن يكون "يَنَابِيعَ" ظرفًا للمصدر المحذوف، فلما أُقيم مقام المصدر جعل انتصابه على المصدر. وإن كان بمعنى النابع كان انتصابه على الحال، أي: نابعات" وهذا النص مختصر من نصِّ الشهاب (?).
ومن هذا النصّ والذي قبله ترى وجهين جديدين:
1 - النَّصْب على الظرفيَّة.
2 - النَّصب على المصدريَّة.
ونَصُّ الشهاب في المسألة:
"قولُه [أي: البيضاوي]: أي: الينابيع فيه أنه سواء جُعِل اسمًا للمجرى أو لما جرى فيه اسمُ عين، فلا ينتصب على المصدرية ولا الحالية، بل الظاهر أنه منصوب على الظرفيَّة، أو بنزعِ الخافض. ويؤيِّده أنه في بعض النسخ (?) "على الظرف" بَدَل قوله على المصدر. ووجهت الأولى بأن الأصل سلوكًا في ينابيع، فلما حذف المصدر وأقيمت صفته مقامه جعلها منصوبة على المصدريّة تَسَمُّحًا. أو أصله: سلوكَ ينابيع، فحُذِف المضاف، وأُقيم المضاف إليه مقامه.
وعلى الثاني يصح نَصْبُه على الحاليَّة بتأويل بـ "نابعًا"، لكنه لا يخلو من الكَدَر؛ لأنه لو قُصِد هذا كان حقُّه أن يُقال: من الأرض، أو في الأرض، على الوجهين صفة "يَنَابِيعَ" وقيل: "يَنَابِيعَ" مفعول "سلك على الحذف والإيصال".
فِي الْأَرْضِ: جارّ ومجرور. متعلِّق بمحذوف صفة لـ "يَنَابِيعَ"، أو هو متعلِّق بالفعل "سَلَكَ".
* وجملة "فَسَلَكَهُ. . ." معطوفة على جملة "أَنْزَلَ"؛ فلها حكمها.