وجهًا آخر، وهو أنه منقطع، ولكنه إخبار عن غير الأنبياء. كأنه قال: ولكن من ظلم من الناس ثم تاب. ثم قال: "وهذا قول لا وجه له".

والثاني: ذهب الفراء وجماعة إلى أن الاستثناء متّصل، ولكن من جملة محذوفة. وتقديره: وإنما يخاف غيرهم إلا من ظلم. وجعله النحاسُ من المحال فقال: "لو جاز هذا لجاز: لا أضرب القوم وإنما أضرب غيرهم إلا زيدًا. وهذا ضد البيان، والمجيء بما لا يُعرف معناه". وعلى هذا الوجه، أي: الاتصال، "يجوز في "مَن" النصب والرفع على اللغتين .. ويكون الاختيار البدل، أي: الرفع، لأن الكلام غير موجب"، قاله السمين.

والثالث: أن "إلَّا" هنا بمعنى (الواو). نسبه الفراء إلى بعض النحويين، وضعَّفه فقال: "ولم أجد العربية تحتمل ذلك". وقال ابن الأنباري: لأن معنى "إِلَّا" مباين لمعنى (الواو) مباينة كثيرة؛ إذ (الواو) للإدخال و"إِلَّا" للإخراج.

والرابع: قال الأخفش: ""إِلَّا" تدخل في مثل هذا الكلام، مثل قول العرب: ما أشتكي إلا خيرًا، فلم يجعل (إلا خيرًا) على الشكوى، ولكنه علم أنه إذا قال لهم: ما أشتكي شيئًا أنه يذكر من نفسه خيرًا. كأنه قال: ما أذكر إلا خيرًا".

مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا:

مَن: خلاصة القول أن "مَن" على وجه الاتصال في محل نصب أو رفع على اللغتين، وهو في محل نصب فقط على لغة أهل الحجاز، ويجوز فيه الوجهان على لغة تميم إذا عُدّ الاستثناء منقطعًا. وعلى رأي الفرّاء ليس فيه إلا النصبُ، لأنه على تقديره استثناء من موجب.

ظَلَمَ: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره (هو). ثُمَّ: عاطف.

بَدَّلَ: فعل ماض، معطوف على "ظَلَمَ"، وفاعله ضمير مستتر تقديره (هو).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015