{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} (?):
الفاء: عاطفة لإرادة الترتيب. إِن: حرف شرط جازم.
{تَوَلَّوْا}: في إعرابه قولان:
أحدهما: أنه فعل ماض في محل جزم بـ "إِن"، والواو: في محل رفع فاعل، وقد أريد به الغائبون. وفي الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة. قال السمين: "وحُسْنُ الالتفات في كونه لم يواجههم بالتولي والإعراض".
الثاني: أنه فعل مضارع حذفت إحدى تاءيه، والأصل: تتولوا، فهو مجزوم بـ "إِن"، وعلامة جزمه حذف النون. والواو: في محل رفع فاعل، وأريد به الخطاب، وهو فعل الشرط. وهو الراجح بقرينة قوله: {وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ}، وقوله: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}.
كما أنه من المستبعد أن يلتفت مرة أخرى من الغياب إلى الخطاب، ولذلك لم يذكر الزمخشري والهمداني وأبو حيان غير هذا الوجه. وقد رجح الفراء المضارعية فقال: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} في موضع جزم. ولو كانت لقوم غير مخاطبين كانت نصبًا؛ لأنها بمنزلة قولك .. فإن قاموا. والجزاء يصلح فيه لفظ فَعَل ويَفْعلُ ... وأنت تعرف مجزومه من منصوبه بالقراءة بعده. ألا ترى قوله: فإنما عليه ما حمِّل وعليكم ما حمّلتم، ولم يقل: "وَعَلَيكُم ... ".
وجواب الشرط محذوف للعلم به بقرينة ما يأتي. قدره أبو السعود: إن تتولوا عن الطاعة التي أمرتم بها فاعلموا أنما عليه -عليه السلام- ما حُمِّل؛ أي ما أمر به من التبليغ. وفي حاشية الجمل تقديره فلا ضرر عليه "أي على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك".