الثاني: أنه بدل من فاعل "جَاءُوا"، و"لَا تَحْسَبُوُه" هو خبر "إِنَّ". وهو قول ابن عطية، وتقديره: إن فِعْل الذين جاءوا بالإفك ... لا تحسبوه ....
قال ابن عطية: "وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون "عُصْبَةٌ" خبر "إِنَّ". وأورد أبو حيان هذا الوجه غير معترض عليه. وعلَّق على ذلك السمين بقوله: "والاعتراض عليه واضح من حيث إنه أوقع خبر "إِنَّ" جملة طلبية، وقد تقدَّم أنه لا يجوز. وإن ورد شيء منه في الشعر أوِّل". وأضاف السمين أن في التقدير إشكالًا في عود ضمير الغائب في "لَا تَحْسَبُوُه" على الإفك. أما الشهاب فقال: "هو تكلف". ولم يمنع الشوكاني ذلك، فقال: "وجملة: "لَا تَحْسَبُوُه" وإن كانت طلبية فجعلها خبرًا يصح بتقديره، كما في نظائر ذلك". قلت: يعني على إضمار قول محذوف.
لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ:
لَا: ناهية جازمة. تَحْسَبُوُه: مضارع مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون، والواو: في محل رفع فاعل. والهاء: في محل نصب مفعول أول عائد على الإفك أو القذف، أو المصدر المفهوم من المجيء، أو ما نال المسلمين من الغم.
شَرًّا: مفعول ثان منصوب. لَكُم: اللام: للجر. والكاف: في محل جر به. وهو متعلق بمحذوف صفة "شَرًّا". وتعددت التأويلات في المخاطبين بالنهي تعددًا لا أثر له في الإعراب.
* وجملة: "لَا تَحْسَبُوُه ... " في محلها من الإعراب قولان:
الأول: أنها استئنافية لا محل لها من الإعراب، إذا أعربت "عُصْبَةٌ" خبرًا للناسخ.
الثاني: أنها في محل رفع خبر للناسخ، إذا أعربت "عُصْبَةٌ" بدلًا. ويترجم هذا الوجه على إضمار قول محذوف، فتكون في محل نصب مفعولًا له، والخبر هو القول المقدَّر.