{عَمَّا قَلِيلٍ}: في إعرابه وجهان:
الأول: عَنْ: جارة. وهي للمجاوزة، والمعنى: بعد قليل.
مَا: زائدة للتوكيد، وهو قول البصريين، كما زيدت (الباء) في قوله تعالى: " {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} " [آل عمران/ 159]، و"مِن" في قوله: " {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} " [نوح/25].
{قَلِيلٍ}: مجرور بـ "عَنْ"، وهو صفة لموصوف محذوف، أي: زمن قليل. قال الهمداني: هي "صفة لمحذوف لا بد منها. كما زعم بعضهم؛ لأن (قليلًا) لا يكون إلا تابعًا لشيء قبله من وقت أو زمان".
الوجه الثاني: ذهب بعضهم احترازًا من القول بالزيادة في كلام الله تعالى إلى أن "مَا" نكرة تامة بمعنى (شيء) في محل جرٍّ بـ "عَنْ". و {قَلِيلٍ} بدل منه أو وصف له، مجرور بالتبعية لـ (شيء).
وفي متعلق الجار والمجرور ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنه متعلق بالفعل " {لَيُصْبِحُنَّ} ". والمعنى: ليصبحن بعد قليل نادمين.
الوجه الثاني: متعلق بـ {نَادِمِينَ}. والمعنى: ليصبحن نادمين بعد قليل.
وفي هذا التعلّق خلاف مداره حول لام القسم وجواز تقديم معمول ما بعدها عليها. وفي هذه المسألة أقوال ثلاثة:
الأول: يجيز تعلّقها بـ {نَادِمِينَ} لإجازته تقدّم المعمول على لام القسم مطلقًا.
الثاني: يمنع ذلك مطلقًا، فعليه لا يجوز تعليقه بـ {نَادِمِينَ}.
الثالث: يجيز ذلك على المفاضلة بين الظرف والجار والمجرور وبين غيرهما؛ إذ يتسامح فيهما ما لا يتسامح في غيرهما.