ويجوز في الاستثناء أن يكون منقطعًا؛ لأن في آية سورة الأنعام من المحرمات ما ليس من الأنعام كالدم ولحم الخنزير، وأن يكون متّصلًا على تفسير المحرم من الأنعام بما كان تحريمه لسبب عارض كالموت ونحوه.
فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ:
الفاء: لتفريع الأمر على ما تقدَّم، ويجوز أن تكون الفصيحة عاطفة على مقدر، أي: فامتثلوا ذلك فاجتنبوا. والتفريع أظهر. وَاجْتَنِبُوا: فعل أمر مبني على حذف النون. والواو: في محل رفع فاعل. الرِّجْسَ: مفعول به منصوب.
مِنَ الْأَوْثَانِ: جار ومجرور، وهو متعلّق بمحذوف حال من "الرِّجْسَ".
وفي "مِنَ" أقوال (?):
أحدها: أنها سببية؛ أي من أجل الأوثان؛ قال الشهاب: "وهي تخصيص لما أُهِلَّ به لغير الله".
والثاني: أنها تبعيضية، وهو قول الأخفش، وتقديره عنده: هو الرجس الذي هو بعض الأوثان. وقال ابن عطية من قال بذلك قلب المعنى وأفسده. وغلطه السمين فقال: "يمكن التبعيض فيها بأن يعني بالرجس عبادة الأوثان؛ لأن المحرم من الأوثان هو عبادتها، وهو بعض جهاتها؛ إذ يجوز استعمالها في بناء ونحوه".
والثالث: أنها لابتداء الغاية، والمعنى: اجتنبوا الرجس من هذا القبيل.
والرابع: أنها بيانية لتخليص جنس من الأجناس، وعلى هذا أكثر المعربين.
قال ابن الأنباري: "هو أجود لأنه أعم في النهي". وقال البيضاوي: "من الأوثان بيانية، لا تبعيضية ولا ابتدائية كما قيل، فإنه تكلف".