الرابع: حال من ضمير المفعول في "نَعُيدُهُ". ذكره العكبري، والمعنى عنده: نعيده مثل أول خلقه.
وأما في تنكير "خَلقٍ" فقال الزمخشري: "هو كقولك: هو أولُ رجلٍ جاءني، تريد أول الرجال، ولكنك وحدته ونكَّرته إرادة تفصيلهم رجلًا رجلًا؛ فكذلك معنى "أوَّلَ خَلقٍ" بمعنى: أول الخلائق؛ لأن الخلق مصدر لا يجمع".
وقوله: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} يحتمل وجهًا آخر، وهو أن يكون جملة استئنافية بيانية، ويقتضي ذلك أن يكون تمام الكلام بالوقف على "الْكُتُب" في قوله: "كَطَيِّ السِّجِلِّ للكُتُب". قال الفراء: "فانقطع الكلام عند الكتب، ثم استأنف فقال: "كَمَا بَدَأنَا أَوَّلَ خَلقٍ نُّعُيدُهُ"؛ فالكاف: للخلق كأنك قلت: نعيد الخلق كما بدأناهم". يريد الفراء أن الجملة متعلقة في المعنى بضمير الخلق في "نُعِيدُهُ". وقيل: "هي متعلقة بـ "يَومَ نَطوِي ... " والمعنى: نفني السماء ثم نعيدها في الآخرة كما ابتدأنا خلقها في الدنيا".
وَعدًا عَلينَا:
وَعدًا: مفعول مطلق مؤكد لمضمون الجملة. وفي ناصبه قولان (?):
أحدهما: فعل مضمر؛ أي: وعدنا ذلك وعدًا، وهو الأظهر.
والثاني: منصوب بـ "نعيدُهُ"؛ لأن الوعد هو الإعادة معنى، وعلى هذا فهو نائب عن المفعول المطلق.
عَلَينَا: جارّ. ونَا: في محل جر به، والجار والمجرور متعلّق بمحذوف صفة. وقيل: التقدير: وعدًا علينا إنجازه، وعلَّق الشهاب على ذلك فقال: هو "تفسير معنى لا تفسير إعراب. ويحتمل أنه إشارة إلى تقدير مبتدأ خبره الظرف، [قلت: كأنه قيل: وعدًا واجب علينا]، لا أن (إنجازه) فاعل الظرف لاعتماده؛ لأنه لا يجوز حذف الفاعل".