لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ". ومع ذلك كرّر العلماء الحديث فيه في هذا الموضع، ونذكر
ذلك مختصرًا نقلًا عنهم، فقد اختلفوا في تقدير الفاعل على ما يأتي (?).
1 - الفاعل ضمير الباري تعالى. ومعنى "يَهْدِ" يُبَيِّن.
ومفعول "يَهْدِ" محذوف، تقديره: أفلم يبين الله لهم العِبَرَ وفِعْلَه بالأمم
المكذِّبة ... وهذا الوجه أَحْسَنُ التخاريج عند أبي حيان.
2 - وأجاز الزمخشري الوجه السابق، كما أجاز أن يكون الضمير للرسول،
ويدلُّ على هذين الوجهين القراءة بالنون، ولأنه هو المبيِّن لهم ما يُوْحَى
إليه من أخبار الأمم السابقة.
3 - الفاعل هو ما دَلَّ عليه "أَهْلَكْنَا" أي: إهلاكنا، والجملة مفسِّرة له. قاله
الحوفي وأبو البقاء. والتقدير: أفلم يبيِّن لهم هلاك من أهلكنا من القرون
ومحو آثارهم فيتعظوا بذلك.
4 - الفاعل نفس الجملة بعده. أي: "كَمْ أَهْلَكْنَا". وعزاه أبو حيان إلى
الحوفي. قال أبو حيان: "وكون الجملة فاعل "يَهْدِ" مذهب كوفي".
5 - الفاعل محذوف تقديره فيما نقله ابن عطية: الهدى، أو الأمر أو النظر، أو
الاعتبار. وذكر مثله مكي، وكذا ابن الأنباري.
قال ابن عطية: "وهذا عندي أَحْسَنُ ما يُقَدَّر به عندي". ونقله أبو حيان
وعزاه للمبرد، ثم ذكر أنه وجه ليس بجيد؛ فإنّ فيه حذف الفاعل، وهو
غير جائز عند البصريين.
ويُحَسِّنُه عند أبي حيان أَنْ يُقال: الفاعل: مضمر تقديره "يهد" هو، أي
الهدى. وتعقب السمين شيخه أبا حيان.