وقال ابن عطية: "وحذفت النون للجزم ... ".

ومن الغريب هنا ما ذهب إليه العكبري وابن الأنباري ومكي بن أبي طالب

من أن حذف النون كان لطرآن البناء بسبب دخول نون التوكيد، وهذا سبق

قلم من هؤلاء العلماء الأجلّاء، لأن البناء لا يكون إلّا عند مباشرة نون

التوكيد آخر حرف من الفعل، وهذا لم يتم هنا.

قال ابن الأنباري: "وحذفت النون لأنها نون إعراب لطرآن البناء لدخول

نون التوكيد المشدّدة عليها" كذا! ! .

وقال العكبري: "وهو مبني من أجل نون التوكيد ... مثل لتضربَنَّ ... "

كذا! !

وقال الهمذاني: "وحذفت النون التي هي علم الرفع للبناء؛ إذ الفعل يصير

معها مبنيًا أبدًا" كذا! !

وكلام هؤلاء العلماء ليس بالصواب، وهو مخالف لأصول المتقدّمين التي

أجمعوا عليها.

6 - بعد حذف نون الرفع بسبب الجازم التقى ساكنان، وأصبحت صورة الفعل

تَرَيْنّ: الساكن الأول هو ياء الضمير، والثاني هو أول النونين من النون

المشدّدة، وكان القياس يقتضي حذف أحدهما غير أنه لم يتم ذلك،

وحركت الياء بالكسر، ولم تحذف لأنه ليس قبلها كسرة تدل عليها،

فصارت تَرَيِنّ على وزن تَفَيِن.

والإعراب على هذه التغيرات الطارئة كما يأتي:

فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون، والياء ضمير

متصل في محل رفع فاعل. ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب.

فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا:

فَقُولِي: الفاء: واقعة في جواب الشرط. قُولِيَ: فعل أمر مبني على حذف

النون. والياء: في محل رفع فاعل. إِنِّي: إِن: حرف ناسخ. والياء: في محل

نصب اسم "إِنَّ". نَذَرْتُ: فعل ماض، والتاء: في محل رفع فاعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015