1 - الأول أنَّه استثناء من "آلَ لُوطٍ".
قال أبو البقاء: " ... والاستثناء إذا جاء بعد الاستثناء كان الاستثناء الثاني
مضافًا إلى المبتدأ، كقولك: له عندي عشرة إلَّا أربعة إلا درهمًا، فإنَّ
الدرهم يستثنى من الأربعة فهو مضاف إلى العشرة، فكأنَّك قلت: أحد
عشر إلا أربعة، أو عشرة إلا ثلاثة".
وردَّ الزمخشري هذا، فلم يجز أن يكون استثناء من الاستثناء، وأجاز مثل
هذا الاستثناء أبو حيان، ولم يذكر غيره مكي.
2 - الثاني أنَّه استثناء من الضمير المجرور في "مُنَجُّوهم" وهو الهاء.
فائدة (?) في الاستثناء من الاستثناء
ذكر الهمذاني أنَّ الفقهاء استدلوا بهذه الآية في سورة الحجر على أنَّ الاستثناء
من الاستثناء جائز، وبنوا عليها مسائل وأحكامًا، ثم ذكر مثالًا على ذلك: لو قال:
لفلان عليَّ عشرة إلا خمسةً إلا أربعةً إلا ثلاثة. فالخمسة مستثنى من العشرة،
والأربعة مستثنى من الخمسة الثانية، مضاف إلى الخمسة الأولى، والثلاثة مستثنى
من التسعة فالواجب عليه إذن ستة ...
وذهب الزمخشري إلى أنَّ ما ذكر في الآية ليس من الاستثناء في شيء؛ لأنَّ
الاستثناء من الاستثناء إنَّما يكون فيما اتحد الحكم فيه، وأن يقال: أهلكناهم إلا آل
لوط إلا أمرأته. كما اتحد الحكم في قول المطلِّق: أنتِ طالق ثلاثًا إلا اثنتين إلا
واحدة، وقول المُقِرْ: لفلان عليَّ عشرة دراهم إلا ثلاثة إلا درهمًا.
وأمَّا الآية، فقد اختلف الحكمان؛ لأنَّ "آلَ لُوطٍ" متعلِّق بـ"أُرْسِلْنَا" أو
بـ"مُجْرِمِينَ"، و"إِلَّا امْرَأَتَهُ" قد تعلَّق بقوله: "لَمُنَجُّوهُمْ"، فكيف يكون استثناء
من الاستثناء؟ ..
- قَدَّرْنا: فعل ماض، و"نا": ضمير في محل رفع فاعل.