واعترض ذلك أبو حيان، قال: ولا يجوز ولا يحسن في كلام العرب؛ فكيف
في كلام الله؟ . غير أن تلميذه السمين انتصر للزمخشري فقال: ولا أدري ما سبب
منعه وعدم استحسانه مع ظهوره لفظًا ومعنى، وذلك لأن توليهم ليس مترتبًا على
مجرد مجيئهم له عليه السلام ليحملهم، بل على قوله: "لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ
عَلَيْهِ"، فحسُنَ أن يجعل قوله: "قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" جوابًا لمن سأل
عن علة توليهم وأعينهم فائضة دمعًا، وهو المعنى الذي قصد إليه أبو القاسم.
[يعني: الزمخشري] ". كذلك ارتضاه الهمداني، وإن استحسن تعليقه بـ "حزنا \"
للقرب (?).
وإذا لم تجعل جملة: "قُلْتَ لَا أَجِدُ ... " جوابًا عن "إِذَا" الشرطية
وحملتها على العطف أو الحالية أو الاعتراض بقي الجواب معلقًا، فيكون الجواب
هو قوله "تَوَلَّوْا ... " ويأتي تفصيل ذلك.
لَا: نافية لا عمل لها. أَجِدُ: مضارع مرفوع، ناصب لمفعول واحد؛ لأنه من
"الوجُدْ"، والفاعل مستتر وجوبًا تقديره: (أنا). مَا: موصول مبني في محل نصب
مفعول به، والمعنى: الذي أحملكم عليه.
ويجوز أن يكون نكرة تامة موصوفة في محل نصب مفعول به، والمعنى: لا
أجد شيئًا أحملكم عليه (?). قال أبو السعود (?): "وفي إيثار "لَا أَجِدُ" على "ليس
عندي" من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين ما لا يخفى".
أَحْمِلُكُمْ: مضارع مرفوع. والفاعل مستتر وجوبًا تقديره: (أنا). والكاف: في
محل نصب مفعول به. والميم: للجمع. عَلَيْهِ: جار. والهاء: في محل جر به.
والجار والمجرور متعلق بـ "أَحْمِلُكُمْ".