* وجملة: الشرط والجواب في محل رفع خبر عن المبتدأ "مَنْ". قال
السمين: "وهذا تخريج واضح، وقد عدل عن هذا الواضح جماعة إلى
وجوه آخر". قلت: ويأتي بيان هذه الوجوه.
2 - جوَّز الزمخشري أن يكون "فَأَنَّ لَهُ ... " معطوفًا على "أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ
اللَّهَ ... " وجواب الشرط محذوف، وتقديره: أن من يحاد الله ورسوله
يهلك فأن له نار جهنم. وعلى هذا الوجه يكون في محل نصب عطفًا
على ما سد مسدّ مفعولي "علم"، أو مفعوله إذا كان بمعنى "عرف".
وقد ردَّه أبو حيان بأن النحاة "نصوا على أنَّه إذا حذف جواب الشرط لزم
أن يكون فعل الشرط ماضيًا أو مضارعًا مقترنًا بـ "لَمْ" " وقوله تعالى:
"مَن يُحَادِدِ" ليس من هذا الباب، و"بأننا نجد الكلام تامًا بدون هذا
الذي قدَّره".
وقال الشهاب عنه: "هو قول لا يخفى بُعْده"، وإن كان علّق على كلام
أبي حيان المتقدم فقال: "ليس ما ذكره متفقًا عليه، وقد نص على خلافه
في "مغني اللبيب" فكأنه شرط للأكثر، وعلى كلّ حال لا يرد اعتراضه".
3 - قال الجرمي وتبعه المبرد: "أَنَّ" الثانية مؤكدة لـ "أَنَّ" الأولى "لأنه
لما طال الكلام كان إعادتها أوكد"، كذا قال الزجاج. وهو عند العكبري
شبيه بقوله تعالى: "ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ"، ثم قال:
"إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا" [النحل 16: 119]، والفاء على هذا واقعة في
جواب الشرط.
واعترض ذلك ابن الأنباري بأنه يلزم عنه جواز التأكيد قبل تمام المؤكَّد.
واعتذر له الشهاب بأن المراد هو "التأكيد لطول العهد"، وليس التأكيد
الاصطلاحي، وفي مثله لا بأس الفصل، سيما بما يكون من متعلقاته. ثم
إن المكرر لما كان محض مقحم وإعادة، وكان وجوده بمنزلة العدم؛
فجاز الفصل. ومع ذلك لا يخلو من ضعف". ثم قال الشهاب: "وفي
الجملة، فجَعْلُ "أَنَّ" الثانية تكريرًا للأولى مع أن لها منصوبًا غير