قاسه على قوله: تعالى: "ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ"
[النمل 27/ 18]، وتبعه الزمخشري، وتقديره عنده: إن أصابتكم لا
تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة. واعترض على ذلك أبو حيان؛ فالآية
عنده ليست من قبيل آية النمل. كما اعترض عليه ابن الحاجب؛ لأن فعل
الشرط إنما يقدر من فعل الأمر المظهر، فيكون مآل التقدير: إن تتقوا لا
تصيب الظالمين خاصة، ويصبح الاتقاء سببًا لانتفاء الإصابة عن الظالم
فيفسد المعنى. وَرُد الاعتراض بأن البناء محمول على اللفظ، وأصل
المعنى: اتقوا فتنة لا تصبكم، فإن أصابتكم لا تصيبن الذين ظلموا خاصة
بل تعمكم، فأقيم جواب الشرط الثاني مقام جواب الشرط الأول، وسمي
جوابًا للأمر؛ لأن المعاملة معه لفظًا. قال الشهاب: "وهذا وجه وجيه".
وقد وافق هذا الوجه رأي الكوفيين حين يقدرون ما يناسب الكلام، ولا
يلتزمون أن يكون المقدر من جنس الملفوظ.
4 - لَا تُصِيبَنَّ: لا: اللام للتوكيد، وقد مُطلت فولدت ألفًا، وعلى ذلك
يكون اتصال النون بالمضارع قياسيًا. قال ابن عطية: "وهذا تنطّع في
التحميل" (?). وهي قراءة مروية عن الزبير بن العوام وابن مسعود وجماعة.
5 - لَا تُصِيبَنَّ: جواب قسم محذوف، والتقدير: والله لا تصيبن ... ،
وجملة القسم مستأنفة (?).
6 - لَا تُصِيبَنَّ: جواب قسم محذوف، كسابقه غير أن الجملة معه في محل
نصب صفة "فِتْنَةً"، وتأويل ذلك الإخبار بإصابتها الذين ظلموا.
ودخول النون على هذا الوجه هنا أيضًا قليل لأنه نفي، وقيل دخلت مع
"لَا" حملًا لها على "اللام".
الكلام تم عند قوله: "فِتْنَةً". و"لَا تُصِيبَنَّ" استئناف، والنهي فيه