المسألة الأولى: العطف بالفاء في قوله تعالى: "فَجَاءَهَا بَأْسُنَا".
الأصل في الفاء: العاطفة أن تفيد الترتيب والتعقيب: وهو مخالف لظاهر الآية؛ فالإهلاك يعقب مجيء البأس لا العكس. وقد أجيب عن ذلك بعدد من الأوجه أظهرها ما يأتي (?):
1 - المراد أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا. ومنه قوله تعالى: "إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ. . . الآية". أي أردتم القيام وهو أقوى الأوجه. ولم يذكر الزمخشري والهمداني والجمل غيره (?).
2 - المراد بالإهلاك الخذلان، أي: أهلكناها بخذلان أهلها وهو اختيار ابن عطية (?)، ونسبه الشهاب في ذلك إلى الاعتزال (?).
3 - أن الفاء: تفسيرية نحو: توضأ فغسل وجهه ثم يديه.
4 - أن الترتيب والتعقيب هو في القول فقط كأنه أخبر عن إهلاك كثير من القرى، فكان من أمرها مجيء البأس.
5 - أن القول ورد على القلب، أي على التقديم والتأخير. ذكره صاحب زاد المسير. وقال العكبري: القلب هنا لا حاجة إليه، فيبقى محض ضرورة (?).