مِنْ قَرْيَةٍ: تمييز على الإعراب السابق في الوجه الأول. وقد اختُلف في الفعل المفسِّر على قولين:
1 - هو: "أَهْلَكْنَا"، وهو قول الجمهور على ما تقدم قال أبو حيان وغيره: "وتقديره: كم من قرية أهلكنا أهلكناها" (?). وصورة التقدير في الدر المصون كم من قرية أهلكناها أهلكناها"، ونحسبه خطأ من المحقق أو تحريفًا من الناسخ لم يستدرك (?).
وعليه تكون جملة "أَهْلَكْنَاهَا" مفسرة لا محل لها من الإعراب. ويجمع المعربون على عدم جواز تقدير الفعل الناصب قبل "كَم"، لأن لها صدارة الكلام، وانطلقوا يلتمسون العلل لصدارتها، ومن ذلك حملها على "رُبّ" المفيدة للتقليل من باب حمل النقيض على النقيض، أو على "كَم" الاستفهامية لتماثلهما لفظًا. يقول السمين: "يقدر الفعل متأخرًا عنها؛ لأن لها صدر الكلام" (?).
أما القرطبي فيقول: "ولا يقدّر قبلها -يعني الفعل- لأن الاستفهام لا يعمل فيما قبله" (?). قلت: وهذا القول بعيد من القرطبي، فلعله من سهو النسخ أو التحقيق؛ فأي استفهام في الآية؟ !
قلت: أيضًا: ولا حاجة عند التقدير لهذا كله "فالصدارة في الكلام لا يلزم عنها وجوب التصدير في التقدير؛ لأن الكلام أداء بالفعل، والتقدير بنية لما ينبغي مجيئه على الأصل.
2 - القول الثاني في الفعل المفسِّر -ولم نجده لغير ابن الأنباري- وهو