فائدتها توكيد وجوب اتّباع مِلّته. . . ولو جعلتها معطوفة على الجملة قبلها لم يكن لها معنى".
وتعقَّبه أبو حيان بقوله (?): "فإن عنى بالاعتراض المصطلح عليه في الضوء [كذا]، فيمكن أن يصح قوله، كأنْ يقول: اعترضت الكلام، وإن عنى بالاعتراض المصطلح عليه [أي: في النحو] فليس بصحيح؛ إذ لا يُعْتَرَضُ إلَّا بين مفتقِرين، كصِلَة وموصول، وشرط وجزاء، وقَسَم ومُقْسَم عليه، وتابع ومتبوع، وعامل ومعمول. وقوله: كنحو ما يجيء في الشعر من قولهم: "والحوادث جَمّة". فالذي نحفظه أن مجيء الحوادث جمة إنما هو بين مفتقرين نحو قوله (?):
وقد أدركتني -والحوادثُ جَمّة- ... أَسِنَّةُ قومٍ لا ضعافٍ ولا عُزْلٍ
ونحو قول الآخر (?):
ألا هل أتاها -والحوادثُ جَمّة- ... بأنّ امرأ القيس بن تملك بيقرا
ولا نحفظه جاء آخر كلام".
ونقل السمين هذا الرَّدّ عن شيخه، ولم يَعْزُه له، ولم يُعَقِّب عليه.
قلنا: هذا الذي ذهب إليه الزمخشري هو مصطلح للبيانيين، فقد ذكر مثله في قوله تعالى: "وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" من سورة البقرة (?)، وتعقبه عليه أبو حيان (?).
وتصدى ابن هشام الأنصاري لشيخه أبي حيان، وانتصر للزمخشري، وأغلظ القول لشيخه، قال (?): ويَرُدُّ عليه [أي: على الزمخشري] مثل ذلك مَنْ لا يعرف هذا العلم كأبي حَيّان، توهُمًا منه أنه لا اعتراض إلَّا ما يقوله النحوي، وهو الاعتراض بين شيئين".