وذهب الشهاب أنه في الوجه الأول المراد بالجملة المعطوف عليها مجموع الشرط والجزاء، وقال: "وقيل: فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".
قال ابن هشام: "الأول مذهب سيبويه رحمه اللَّه، وهو الأصح، وحذف الجملة لا داعي له. . .".
قال أبو حيّان: "والفاء لعطف هذه الجملة على ما قبلها، وقدِّمت الهمزة اعتناءً بالاستفهام، والتقدير فأغير. وجَوّز هذا الوجه الزمخشري وهو قول جميع النحاة قبله". ثم نقل عن الزمخشري الوجه الثاني، وذَكَرَ أنه أَمْعَن الكلام في الرد عليه. وقد أثبتُ هذا الرد مفصَّلًا في "مغني اللبيب".
غَيْرَ: مفعول به (?) مقدَّم للفعل "يَبْغُون". وقُدِّم عند الزمخشري لأنه أهم من حيث إن الإنكار الذي هو معنى الهمزة متوجِّه إلى المعبود بالباطل.
وتعقَّب أبو حيان الزمخشري بأن هذا الذي ذهب إليه لا تحقيق فيه؛ لأن الإنكار الذي هو معنى الهمزة لا يتوجَّه إلى الذوات، إنما يتوجَّه إلى الأفعال التي تتعلَّق بالذوات، فالذي أنكر إنما هو الابتغاء الذي متعلَّقه غير دين اللَّه. وإنما جاء تقديم المفعول هنا من باب الاتساع. وشبّه "يَبْغُونَ" بالفاصلة بآخر الفعل.
دِينِ اللَّهِ: دِينِ: مضاف إليه مجرور، اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه. يَبْغُونَ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون. والواو: في محل رفع فاعل.
* وجملة "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ" فيها قولان:
1 - معطوفة على جملة الشرط في الآية السابقة؛ فلها حكمها. والمراد هنا مجموع الشرط والجزاء. وأعربنا تلك الجملة "فَمَن تَوَلَّى. . ." من قبل استئنافيَّة.
2 - معطوفة على جملة مقدَّرة على مذهب الزمخشري، وحكمها أنها مستأنفة، أي: أيتولّون فغير دين اللَّه يبغون.