والربط بين ظاهر هذه الأعمال وباطنها مطلوب، وحمل الظاهر علي الباطن مطلوب، وهذا ما قام به الخضر، وقدّمه لموسي.

واعتبر الخضر هذا العمل تأويلا سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً.

والتأويل هنا: هو ردّ الشيء إلي غايته العملية المرادة منه- كما قال الراغب في تعريف التأويل- فقد ردّ الخضر أعماله الثلاثة إلي غايتها المقصودة، وكشف حقيقة هذه الأعمال، والحكمة الخفية فيها، وأرجع صورتها الظاهرية إلي حقيقتها الباطنية الخفية، وأري موسي مآل ومصير أعماله، وانتهي بها إلي تلك المحطة الأخيرة، التي عرف منها موسي صواب الخضر فيما فعل.

لقد أوّل الخضر أعماله تأويلا عمليا، وأري موسي الحقيقة العملية منها، وبهذا عرف موسي وجه الحق والصواب فيها:

تأويل خرق الخضر للسفينة: أنه أري موسي الملك، يصادر السفن الصالحة، فالهدف من خرقه لها نجاتها من الملك.

فنجاة السفينة هي تأويل خرقها، الذي يحمل عليها، ويردّ إليها.

وتأويل قتل الغلام، أنّ الخضر أري موسي مستقبل الغلام الكفريّ عند ما يكبر، وإزعاجه لأبويه، فالهدف من قتله إراحة أبويه من كفره، والله يعوضهما عنه، إنّ إراحة أبويه منه هي تأويل قتله، الذي يحمل، ويردّ إليها.

وتأويل بناء الجدار، أنّ الخضر أري موسي كنز اليتيمين تحته، فالهدف من بنائه هو المحافظة علي الكنز إلي أن يكبر الغلامان اليتيمان. إنّ المحافظة علي الكنز هي تأويل بناء الجدار، الذي يجب أن يحمل عليها، ويردّ إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015