وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ، ولِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ، واللَّهُ غالِبٌ عَلي أَمْرِهِ، ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (?).
ولما تحققت رؤيا يوسف بعد عشرات السنين، وصار عزيز مصر، واجتمع شمله مع اخوته، جاءت خاتمة قصته بتوجهه إلي ربه بالشكر:
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ، وعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ، فاطِرَ السَّماواتِ والْأَرْضِ، أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ، تَوَفَّنِي مُسْلِماً وأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (?).
لماذا كررت تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ ثلاث مرات في السورة؟
لقد عاش يوسف في منطقتين: في البدو من أرض فلسطين. ثم في مصر.
وسيكون انتقاله القسري إلي مصر تمهيدا لتدرّجه في مكانته في مصر، وسيبقي يرتقي بالتدريج، حتى يصل إلي أعلي مركز، وهو «العزيز».
وبهذا تختم حياته عليه الصلاة والسلام.
قول يعقوب له: ويُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وعد نظري من الله- عن طريق أبيه عليه السلام- وعد بتحقيق شيء في المستقبل، كأنه قال له: وسوف يعلمك ربّك من تأويل الأحاديث.
وكانت الخطوة الأولي من تحقيق هذا الوعد الرباني، أنّ الله قدّر أن يجري له ما جري، حتى يصير عبدا مملوكا في بيت عزيز مصر، وهناك يوصي به العزيز امرأته، ويقول لها أَكْرِمِي مَثْواهُ، عَسي أَنْ يَنْفَعَنا، أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً.
إن الله هو الذي ألهم عزيز مصر الاهتمام الخاصّ، بهذا العبد الفتي