منه، علما كان أو فعلا؟».
لذلك أعلن يوسف لأبيه عليهما السلام، عند ما سجدوا له فعلا، أنّ هذا هو تأويل رؤياه: وقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ، قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا، وقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ، وجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ، مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وبَيْنَ إِخْوَتِي. إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ، إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. (?).
هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ: هذا وقت بيان العاقبة والمآل والنهاية لرؤياي التي رأيتها قبل عشرات السنين. الآن تمّ تأويلها، عند ما تحققت صورتها العملية المادية! قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا: قد حقق لي ربي ما وعدني به في تلك الرؤيا، فقد وعدني فيها بإسجاد أبوي وإخوتي لي، ووعد الله نافذ، وخبر الله واقع محقق، فالآن حققه الله لي، ورأيت الصورة الفعلية النهائية لذلك الخبر النظري!!
يوسف يؤول رؤيا السجينين:
لما سجن يوسف عليه السلام ظلما، دخل معه السجن رجلان من حاشية الملك، غضب عليهما الملك فسجنهما، وهناك في السجن أنسا بيوسف وأعجبا به، ورأي كلّ منهما رؤيا، وطلبا من يوسف تأويلهما، فقدّم لهما عقيدته، وعرّفهما علي دينه وإيمانه، ثم قام بتأويل لكل واحد منهما رؤياه، وتحققت رؤياهما في عالم الواقع، كما أولهما لهما.
قال تعالى: ودَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ، قالَ أَحَدُهُما: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً. وقالَ الْآخَرُ: إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ، نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ، إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ. قالَ: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ