وبعد ذلك: تقع الأحداث حسب ما رأي الرائي في منامه، وحسب ما عبرها له المعبّر، وأوّلها له المأوّل. ويكون وقوع الأحداث فعلا هو تأويل لها، أو هو ردّ عمليّ للرؤيا من صورتها النظرية المنامية إلي غايتها المادية العملية.
كيف أوّلت رؤيا يوسف؟
فهم يعقوب عليه السلام إيحاء وإشارة رؤيا ابنه، وعبّرها له بأنّ الله سيجتبيه، ويعلمه تأويل الأحاديث وتعبير الرؤي، وردّ هذه الرؤي المنامية إلي غايتها المادية الواقعية الحقيقية.
لكن كيف سيكون ذلك؟ ومتي سيكون ذلك؟ وأين سيتمّ تأويل رؤيا يوسف؟ وما حقيقة سجود الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر له؟
لم يقل يعقوب عليه السلام لابنه عن ذلك شيئا، ولعله لم يكن هو يعلم من تفاصيل ذلك شيئا، كما يبدو من تتابع مشاهد ولقطات قصة يوسف!! الله وحده هو الذي يعلم ذلك، وهو الذي يقدر الأشياء، ويرتب الأحداث، ويسوق الحوادث، لتصبّ في هذا الميدان، ويتحقّق بذلك مراده سبحانه.
سيسجد ليوسف عليه السلام أبواه وإخوته الأحد عشر! لذلك قدّر الله أن يتآمر عليه إخوته، وأن يلقوه في البئر، وأن تأتي القافلة إليه، وأن تحمله معها إلي مصر، وأن يشتريه عزيز مصر، وأن يعتبره فتي ورقيقا عنده، وأن يوصي به امرأته. وأن تراوده تلك المرأة عن نفسه، وأن يستعصم يوسف عليه السلام. وأن يتآمر عليه رجال الدولة. وأن يسجنوه مظلوما بضع سنين.
قدر الله أن يكون معه سجينان في السجن، وأراهما الله رؤيا، وعلم