أعداء من المجرمين، كذلك كان للرسل السابقين أعداء من المجرمين.
ثم تخبر الآيات عن بعض أساليب الكفار في محاربة الرسول والقرآن، وذلك بإثارتهم للشبهات ضده. فلم يعجبهم نزول القرآن منجما حسب الحوادث، وطلبوا إنزاله جملة ودفعة واحدة، كما أنزل الله الكتب السابقة علي رسله.
وترد الآية علي هذه الشبهة بالإشارة إلي حكمتين من تفريق إنزال القرآن: تثبيت قلب النبي عليه الصلاة والسلام، والتدرج في إنزاله للتشريع والتربية.
ثم تعقب الآيات علي ذلك بايراد القاعدة العامة في مواجهة الحق للباطل: ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً.
لقد تكفل الله بنصرة الحق، ودحض الباطل، ونقض شبهات الكفار ضدّ الرسالة والرسول. ولهذا أخبر الله رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه معه، فكلما يأتيه الكفار بمثل أو شبهة أو إشكال، فإن الله يتولي نقض ذلك، حيث ينزل عليه آيات من القرآن، فيها الردّ علي اعتراضهم، وحلّ إشكالهم.
والمراد بالمثل في قوله ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ: الاعتراض أو الشبهة.
فعند ما طلبوا إنزال القرآن جملة واحدة، ضربوا التوراة والإنجيل مثلا، فقالوا: لماذا لم يكن القرآن كالتوراة، فلو كان القرآن كلام الله لأنزله الله دفعة واحدة، كما أنزل التوراة.
إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وأَحْسَنَ تَفْسِيراً: ينزل الله آيات من القرآن، فيها دحض اعتراضهم، ونقض مثلهم. وقد وصف الله هذه الآيات النازلة من القرآن بصفتين: فهي الحق، وهي أحسن تفسيرا.
والحق هنا في مقابلة الباطل. فالكفار يأتونك «بمثل». ونحن نأتيك «بالحق» لنقضه، وهذا يدلّ علي أنّ المثل الذي يأتون به باطل وداحض.