وسكت بعضهم، فلم يقل شيئا.

فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟

فقلت: لا.

قال: فما تقول؟

قلت: هو أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أعلمه له، فقال له: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ والْفَتْحُ، وذلك علامة أجلك، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ، إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً.

قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول» (?).

لقد أجري عمر بن الخطاب رضي الله عنه امتحانا لابن عباس وبعض الصحابة، في فهمهم لسورة النصر، فالصحابة كانوا مفسّرين لها، لكنّ ابن عباس كان مؤوّلا لها.

أخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر كان يقدّمه، ويدخله مع أشياخ بدر، مع أنه شاب، وهؤلاء شيوخ، وتقديم عمر له لما لاحظه من فطنته وذكائه وبعد نظره ورجاحة عقله.

ولما لاحظ العباس اهتمام عمر بابنه عبد الله رضي الله عنهم، أوصاه قائلا: يا بنيّ: إن عمر يدنيك، فلا تفشينّ له سرّا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يسمع منك كذبا، ولا تبتدئه بشيء حتى يسألك عنه.

ولما رأي بعض أشياخ بدر إشراك عمر لابن عباس معهم، وجدوا ذلك في نفوسهم، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لعمر: لم تدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله؟

فأجابه عمر قائلا: إنه من قد علمتم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015