للمسلمين المجاهدين سوء فهمهم للآية، ويصوّب لهم تأويلهم المردود لها.
الآية هي قول الله: وأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَي التَّهْلُكَةِ، وأَحْسِنُوا، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (?).
كان الفهم والتأويل الخاطئ للآية أنّ بعض المجاهدين اعتبر التهلكة، هي اقتحام الأهوال والأخطار، ومواجهة الأعداء، واختراق صفوفهم، وأنّ من فعل ذلك فقد ألقي بنفسه إلي التهلكة، والله قد نهانا عن إلقاء أنفسنا في التهلكة.
ولهذا لما رأوا المجاهد الشجاع يخترق صفوف الروم، ويدخل فيهم، ويقتل رجالهم أنزلوا الآية على فعله، فاعتبروا فعله مخالفا لها، فقالوا: سبحان الله، يلقي بيديه إلي التهلكة.
إنّ سبب خطأ فهمهم وتأويلهم للآية أنهم لم يعرفوا سبب نزولها، ولذلك وقف أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يبين لهم سبب نزولها، وقال لهم: إنكم تتأوّلون هذه الآية هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار.
التهلكة هي في عدم الإنفاق في سبيل الله، وفي القعود عن نصرة دين الله، وترك مواجهة أعداء الله، والتخلي عن الجهاد في سبيل الله، والانصراف إلي الأعمال الشخصية على حساب قضايا الأمة.
أراد الأنصار الانصراف إلي أموالهم وأراضيهم وبساتينهم، التي أهملوها ووجّهوا طاقاتهم لنصرة الإسلام، فبعد ما نصر الله دينه، وكثر جنوده وناصروه، لماذا لا يعودون إلي أموالهم؟
فأنزل الله آية في القرآن تردّ عليهم، وتدعوهم إلي عدم التخلي عن الإنفاق والجهاد، وعدم العودة إلي الأموال، وتعتبر هذا تهلكة خطيرة.