ومن هذا المنطلق حرص سلف الأمة على هذا الفضل العظيم، فتفرَّق الصحابة رضي الله عنهم في الأمصار يبلِّغون ما سمعوه، وينشرون العلم بين الناس، ((وكان الخلفاء يُمِدُّون البلاد الجديدة بالعلماء، وقد استوطن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم تلك الأمصار، يرشدون أهلها، ويعلِّمون أبناءها، وقد دخل الناس في دين الله أفواجاً، والْتَفُّوا حول أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ينهلون من الينابيع التي أخذت عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وتخرَّج في حلقاتهم التابعون الذين حملوا لواء العلم بعدهم، وحفظوا السنَّة الشريفة. وهكذا أصبحت في الأقاليم والأمصار الإسلامية مراكز علمية عظيمة، تُشِعُّ منها أنوار الإسلام وعلومه، إلى جانب مراكز الإشعاع الأولى التي أمدَّت هذه الأقطار بالأساتذة الأُوَل)) (?) .
فمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي موطن الخلافة الأولى، وكان فيها من الصحابة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو هريرة وعائشة وعبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري وزيد بن ثابت وغيرهم رضي الله عنهم، فنشروا علماً غزيراً. وفي مدرسة المدينة النبوية هذه تخرَّج خلق من