للناس، دَائِنينَ بدينه الذي ارْتَضَى واصْطَفَى به ملائكتَه ومَنْ أنْعَمَ عليه من خلقه، فلم تُمْسِ بنا نعمة ظَهَرَتْ ولا بَطَنَتْ نِلْنَا بها حظّاً في دينٍ ودُنْيَا، أو دُفِع بها عنّا مكروه فيهما وفي واحد منهما، إلا ومحمد - صلى الله عليه وسلم - سَبَبُها، القَائِدُ إلى خيرها، والهادي إلى رُشدها، فصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صلّى على إبراهيم وآل إبراهيم، إنه حميد مجيد (?) .
وكما أنه - صلى الله عليه وسلم - بلَّغ رسالة ربه أتمَّ بلاغ وأكْمَلَه إمتثالاً لأمر ربه له بذلك في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (?) ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - حرص على استمرار هذا البلاغ في أمته، فقال: ((بلِّغوا عني ولو آية، وحَدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَج، ومن كذب علي متعمِّداً فَلْيَتَبَّوأْ مقعده من النار)) (?) .
ودعى - صلى الله عليه وسلم - لسامع السنة ومبلِّغها بالنَّضَارَةِ- وهي النِّعمةُ والبَهْجَةُ (?) -، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((نَضَّر الله امرءاً سمع مِنَّا حديثاً، فحفظه حتى يبلِّغَه غيرَه، فرُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فقه ليس بفقيه)) ، وفي لفظ: ((نَضَّر الله امرءاً سمع منا شيئاً، فبلَّغه كما سمعه، فرُبَّ مبلَّغ أَوْعَى من سامع)) (?) .