(وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا):

أَي: ومن يأْنف من عبادة الله ويترفع عنها، ظنا منه أَن العار يلحقه بسبب هذه العبادة، فمَردُّهُم - وسائر الخلق - إِلى الله، حيث يلقى كل جزاءَه، ومن يستكبرْ على الخضوع له تعالى - لتوهمه أَن طاعة الله دون مقامه - فسيحشر الله العابدين والمعبودين إليه - جميعًا - يوم القيامة، حيث لا يملكون لأَنفسهم نفعا ولا ضَرًّا. والاستكبار دون الاستنكاف.

والاستكبار: طلب الكبر.

وهذا وعيد شديد، للذين يقولون على الله غير الحق.

ولما ذَكَر سبحانه: أَنه سيحشرهم إِليه جميعًا، ذكر أَولًا: ثواب المؤمنين، ثم ذكر آخرًا: عقاب المستنكفين. وقد بين ثواب المؤمنين بقوله:

173 - ({فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ... )

الآية.

أَي: فأَما الذين حققوا في نفوسهم هذين الوصفين العظيمين: الإِيمان والعمل الصالح، فيجزيهم الله على ذلك جزاءً وافيًا ثابتا - لا شك فيه - ثبوت الأَجر للعامل، تحقيقا لوعد الله الذي لا يتخلف كما بيَّن أَن هناك زيادة يَمُنُّ الله بها عليهم من فضله.

والتعبير بلفظ الماضي (آمَنُوا وَعَمِلُوا): إِشارة إِلى أَنه لا بد من تحقق هذين الوصفين، كي ينال الموصوف بهما ما ذُكِرَ من جزاء.

وذِكْرُ الجزاءَ بلفظي المضارع (يُوَفَيِّهِمْ ... وَيَزِيدُهُمْ): دون استعمال السين أَو سوف؛ فسيوفيهم، أَو فسوت يوفيهم - مثلا - لاستحضار صورة قريبة تستضىءُ بها أَنفسهم وتدعو العامة والخاصة إِلى الاقتداء بهم.

ثم ذكَرَ ما أَعده الله عقابا للمستنكفين والمستكبرين فقال:

(وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجدُونَ لَهُم من دُونِ اللهِ وَلِيَّا وَلَا نَصِيرًا):

وهذا حال الكافرين الذين ذكروا في مقابلة المؤْمنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015