وفي هذه الآية يؤَكد هذا المعنى، ويبين أحكام رسالته، بأن من أعرض عنه فلن يضره، فإنه رسولٌ عليه البلاغ. وليست السيطرة عليهم من رسالته، فقد بعثه الله إلى الناس رسولًا: يدعوهم إلى الخير، ويحذرهم من الشر، ويهديهم إلى الصراط المستقيم.

وطاعة الرسول فيما يبلغه عن ربه - بوصف كونه رسولًا يبلغ ما يؤْمر بتبليغه إلى الناس - واجبة. فمن أَطاعه في ذلك، فقد أَطاع الله؛ لأنه - صلوات الله وسلامه عليه - لا ينطق عن الهوى ... فليس لمسلم أن يخالفه فيما يبلغه عن أمر ربه. قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (?).

وأما ما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمور الخارجة عن دائرة التبليغ والرسالة مما هو خاص بشئون الدنيا، فليست أوامر، بل إرشادات. ولذا راجعه المسلمون في بعض الآراءِ. كما حدث في تأبير النخيل، فرجع صلى الله عليه وسلم، ونزل على رأْيهم، وقال: "أَنتم أَعلَمُ بأَمرِ دُنْيَاكم" (?).

{وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}:

أي: ومن أعَرض عن طاعتك، وعن اتباع الحق الذي جئت به، فاترك أمره إلينا - فسنجازيه - ولا يحزنك أمره، فإنما أرسلناك مبلغا، وقد بلَّغْت ما أنزل إِليك من ربك، على أتم الوجوه وأكملها. والله خير شهيد على صدقك، ولم نبعثك عليهم مسيطرا، ولا رقيبا على أعمالهم: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015