وفي هذا - من كمال رحمته بعباده، وعظيم عفوه عنهم - ما لا يخفى.
{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا}:
هذا بيان لعظم مكانته صلى الله عليه وسلم، وجلال قدره، وعلو شأْنه.
والمعنى: وأرسلناك يا محمد، رسولًا مبلغًا - للناس كافة - رسالة ربك، ولم نرسلك لبعضهم.
{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}:
أي: شهيدا على صدق رسالتك، وأَنك أبلغت ما أنزل إليك من ربك، وأَديت واجبك أَكمل أداءٍ: بإخلاص ويقين: تبشر الناس وتنذرهم. والله تعالى خير شهيد على ذلك. فليس لهؤُلاء المنافقين - ولا لغيرهم - أن يتطيروا بك ويقولوا لك: ما نزل بنا من البلاء فمن عندك. وبسبب شؤمك.
وفي تقرير رسالته صلى الله عليه وسلم - على هذا النحو - تطمين لقلبه، وتقوية لعزمه، وإِزالة ما عسى أن يكون قد علق بنفسه من الألم مما قالوه، من نسبة ما نزل بهم من البلاء إِليه صلى الله عليه وسلم - كما أَن فيه زيادة كبتٍ لهم، وتأكيدا لغاية جهلهم، وعدم فقههم.
80 - {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}:
هذه الآية موصولة السياق بما قبلها.
فهي تتضمن: مرضاة الرسول، وتطييب خاطره، وتزيد من رفعة قدره، وعلو منزلته.
ففي الآية السابقة، قرر سبحانه وتعالى: رسالته صلى الله عليه وسلم. ورفَع عنه تحمّلَ مسئولية ما يقولون؛ لأنه ليس إِلا رسولًا: مهمته تبليغ رسالة ربه. وقد أداها أَكمل أداء.