والمعنى: يقول أولو الألباب، الذاكرون الله بعد تفكرهم في خلق السموات والأرض: ربنا ما خلقت هذا الكون البديع العظيم الشأن عبثاً، بل منتظماً لِحِكَمٍ جليلة، ومصالح عظيمة. من جملتها أن يكون مدارًا لمعايش العباد، ومنارًا يرشدهم إلى أحوال المبدأ والمعاد، حسبما جاءت به الرسل والكتب الإلهية.

والإشارة بكلمة (هَذَا) راجعة إلى السموات والأرض لقصد التعظيم، كما في قوله تعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (?). وإفرادها وتذكيرها - مع رجوعها إلى السموات والأرض - لأنه أريد بها: الكون جميعه.

(سُبْحَانَكَ): تنزيها لك عن أن تخلقه باطلا، وعن كل ما لا يليق بك من الصفات.

(فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ): فاحفظنا من عذابها، فقد عرفناك ونزهناك عن العبث، وأطعناك وآمنا بالبعث والجزاء.

192 - {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)}:

أي: رَبَّناَ إنَّكَ مَنْ تُدْخِلْهُ النَّارَ لكفره ومعصيته (فَقَدْ أخْزَيْته): فقد فضحته وأهنته وأهلكته .. ولا شيء أشد من ذلك. فلهذا نسألك الوقاية من عذاب النار، ومن الخزي والعار.

(وَمَا لِلظَّالِمِينَ): لأنفسهم بالكفر والمعاصي.

(مِنْ أنصَارِ): يخلصونهم من عذابها. فلا الآلهة التي عبدوها: ولا الرؤَساء الذين أطاعوهم في الكفر، بقادرين على إنقاذهم منها.

ولم يقل وما لهم من أَنصار، بل قال: (وَمَا لِلظالِمِينَ مِنْ أنصَارٍ): لذمّهم، والإشعار بأن ظلمهم هو سبب تعذيبهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015