والتعبير عن إيثارهم عرض الدنيا، على بيان الكتاب بقوله: {وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}: أي عرضاً حقيراً - مع أنه لا شراءَ ولا بيع - للإيذان بأنهم جعلوا دين الله موردًا للرزق، ووسيلة إلى مآربهم الذاتية. كما يصل التجار. ولم يجعلوهُ سبيلا للهداية والإرشاد، كما يفعل العلماءُ والصالحون الصادقون. وذلك شاهد على فساد ضمائرهم، وداعٍ إلى عدم الثقة بأقوالهم وأفعالهم، والبعد عن تصديقهم.
{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}.
المفردات:
(يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا): يفرحون بما جاءوا به نفاقاً أو رياءً، من الأقوال والأفعال.
(بمفازة من العذاب): بمنجاة منه.
(ملك السموات والأرض): سلطان عليهما خَلقًا ومُلكًا وتدبيراً وتصرفاً.
التفسير
188 - {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:
لا يزال الكلام موصولا مع أهل الكتاب: فالآية نازلة فيهم:
أخرج الإِمام أحمد، عن حُمَيْد بن عبد الرحمن بن عوف: أن مروان بن محمَّد، قال: اذهب يا رافع - بَوَّابه - إلى ابن عباس رضي الله عنه، فقل له: لئن كان كل