في آخر الشهر، والمنجمون يعدونه نحسًا، ولذلك لا تشتغل السحرة بالسحر المورث للمرض إِلَّا في ذلك الوقت، قيل: وهو المناسب لسبب النزول، واستدل على تفسيره بالقمر -بما أَخرجه الإِمام أَحمد والترمذي والحاكم وصححه وغيرهم عن عائشة قالت: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا إِلى القمر لما طلع، فقال: (يا عائشةُ: استعيذي بالله تعالى من شَر هَذَا؛ فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ"، وقيل: الغاسق إذا وقب: الحية إِذا لدغت، وقيل: هو كل شر يعتري الإِنسان، والشر يوصف بالظلمة والسواد، ووقوبه: هجومه ووقوعه.
4 - (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ):
أَي: ومن شر السواحر اللاتي يَعْقدْن عقدًا وينفثن عليها، والنفث: النفخ مع ريق، قاله الزمخشري، وقيل: هو شبه النفخ يكون في الرّقية ولا ريق معه، ورجح ابن القيم رأْي الزمخشري.
روى البخاري وغيره أَن رسول الله سحر، قيل: والذي سحره لبيد بن الأَعصم وبناته، فمرض النبي صلى الله عليه وسلم فنزل جبريل بالمعوذتين، وأَخبره بموضع السحر، وبمن سحره، وبم سحره، فأَرسل صلى الله عليه وسلم عليًّا والزبير وعمارًا فنزحوا ماءَ البئر وهو كنقاعة الحناءِ، ثم رفعوا راعوثة (1) البئر فأَخرجوا أَسنان المشط ومعها وتر قد عقد فيه إِحدى عشرة عقدة مغرزة بالإِبر، فجاءُوا بها النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأ المعوذتين عليها، فكان كلما قرأَ آية انحلت عقدة، ووجد -عليه الصلاة والسلام- خفة، حتى انحلت العقدة الأخيرة عند تمام السورتين فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأَنما نشط من عقال. (آلوسي).
ونقل الماتُرِيدِي عن أَبي بكر الأَصم أَنه قال: إِن حديث السحر المروي هنا متروك، لما يلزمه من صدق قول الكفرة: إِنه -عليه الصلاة والسلام - مسحور، وهو مخالف لنص القرآن الكريم، وقال الإِمام المارزي: قد أَنكر ذلك الحديثَ المبتدعةُ لأَنه يحط من منصب
-
(1) الراعوثة: حجر يقوم عليه المستقي - ويسمى أَيضًا الراعوفة، ولقد جاء بهذا الاسم في بعض الروايات.