بأَن يكون عين اليقين، واليقين (?) في اللغة - على ما قيل: العلم الذي لا شك فيه، ثم شدد عليهم وزاد في تأْنيبهم فقال:
8 - (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ):
أَي: ثم لتسأَلن يومئذ عن شكر ما أَنعم الله به عليكم من الصحة والأَمن والرزق وغير ذلك أَي: ماذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته؟!
قيل: الخطاب في (لَتُسْأَلُنَّ) للكفار، وعليه ابن عباس: وقيل: الخطاب مخصوص بكل من أَلهته دنياه عن دينه، والنعيم مخصوص بما شغله عن ذلك، وخير القول في النعيم قول مجاهد؛ كل لذة من لذات الدنيا.
وفي التفسير الكبير: الحق أَن السؤَال يعم المؤمن والكافر عن جميع النعم به سواء كان ما لابد منه أم لا؛ لأَن كل ما يهب الله تعالى يجب أَن يكون مصروفًا لطاعته سبحانه لا إِلى معصيته - عز وجل - فيكون السؤال واقعًا عن الكل، ويؤكده قوله -عليه الصلاة والسلام- "لا تَزولُ قَدَمَا العَبْدِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ:
1 - عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ
2 - وعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبلاهُ.
3 - وعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ.
4 - وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ بِهِ"؛ لأَن كل نعيم داخل فيما ذكره صلى الله عليه وسلم وما ورد في بعض الآثار مثل ما روي عن عمر - رضي الله عنه - أَنه قال: أي نعيم نسأَل عنه يا رسول الله وقد أُخرجنا من ديارنا وأَموالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ظِلَالُ المَسَاكِنِ وَالأَشْجَارِ وَالأَخْبِيَةِ الَّتِي تقِيكُمُ الحَرَّ وَالبَردَ، وَالمَاءُ البَارِدُ فِي اليَوْمِ الحَارِّ" فذلك من باب التمثيل ببعض أَفراد خصت بالذكر لأَمر اقتضاه الحال، ويؤيد ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام- في غير رواية عند ذكر شيءٍ من ذلك: "هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ" بمن التبعيضية، والله أعلم.