4 - (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ):
استئناف مبين لمناط خيريتها على تلك المدة المتطاولة المقدرة بأَلف شهر، أَي: تتنزل فيها الملائكة من كل سماءِ إِلى الأَرض، أَو إِلى السماء الدنيا، مع البركة والرحمة. وينزل معها الروح وهو جبريل - عليه السلام - كما قال الجمهور، وخص بالذكر لزيادة شرفه، وعلو قدره فضلا على أَنه النازل بالذكر، وقيل الروح -كما قال كعب ومقاتل-: طائفة من الملائكة. لا تُرى إِلا في تلك الليلة وقيل: حفظة على الملائكة كالحفظة علينا، وقيل: المراد به الرحمة كما قرئ (إِنَّهُ لَاَ يَيْئَسُ مِن رُّوحِ الله) بالضم.
(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) أَي: ملتبسين بإِذن ربهم، أَي: بأَمره. والتقييد بذلك لتعظيم أَمر تنزلهم من أَجل كل أَمر قضاه الله لتلك السنة إِلى قابل، وأَظهره - سبحانه وتعالى - لملائكته، وقيل: تقييد التنزيل بالإِذن للإِشارة إِلى أَنهم يرغبون في أَهل الأَرض من المؤمنين ويشتاقون إليهم، فيستأَذنون فيؤذن لهم، وفي ذلك حث للمؤمنين على العمل، وترغيب لهم في الطاعة للحظوة بهذا اللقاءِ الكريم.
5 - (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ):
أَي: ما ليلة القدر إلا سلامة وخير كلها، لا شر فيها، قال الضحاك في معنى ذلك إنه لا يقدِّر الله في تلك الليلة إِلا السلامة وفي سائر الليالي يقضي بالبلايا والسلامة.
وقال مجاهد: إِنها سالمة من الشيطان وأذاه، أَو أَن المراد كونها سببًا تامًا للسلامة والنجاة من المهالك يوم القيامة، كما ورد أَن من قامها إِيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وقيل المعنى: ما هي إِلاَّ سلام، أَي: تسليم، وذلك لكثرة التسليم والمسلمين من الملائكة على المؤمنين، فلا يلقون مؤمنًا ولا مؤمنة إلا سلموا عليه، روي عن الشعبي ومنصور، وتستمر السلامة فيها من المهالك، ووسوسة الشيطان، وتسليم الملائكة على المؤمنين القائمين فيها إِلى غاية هي وقت طلوع الفجر أَي: هي ليلة كلها سلام وأَمن وكلها خير وبركة من مبدئها إِلى نهايتها. أَو أَن تنزل الملائكة فوجًا بعد فوج يتتابع إِلى طلوع الفجر.