رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ" (?) وفي إِسناد إِنزاله إِليه - سبحانه - مرتين في قوله: (إنا) وقوله: (أَنزلناه) مع تأْكيد الجملة في الآية الكريمة مزيد من التعظيم والتفخيم مع إِفادة اختصاص الإِنزال به تعالى كما قال الزمخشري.
وفي التعبير عن القرآن بضمير الغائب في "أَنزَلْنَاهُ" مع عدم تقدم ذكره تعظيم له أَي: تعظيم؛ لما أَنه يُشعر بأَنه لعلو شأْنه كأَنه حاضر عند كل أَحد، والمراد: ابتدأَنا في تلك الليلة إِنزاله على محمد صلى الله عليه وسلم.
2 - (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ):
تعظيم لليلة القدر التي خصها - تعالى - بإنزال القرآن، أَي: ولم تبلغ درايتك غاية فضلها؛ لأَن علوها خارج عن دائرة دراية الخلق، لا يَعْلَم ذلك، ولا يُعْلِمُ به إِلاَّ علاَّم الغيوب، كما يشعر به قوله تعالى:
3 - (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ):
بيان إِجمالي لشأْنها إِثر تشويقه -عليه الصلاة والسلام- إِلى درايتها بقوله: "وَمَا أَدْرَاكَ" فإِن ذلك معرب بالوعد بإِدراكها وإِعلام الله له صلى الله عليه وسلم بها.
وقد روي عن سفيان بن عيينة أَمر أَن كل ما في القرآن من قوله تعالى: "وَمَا أَدْرَاكَ" أَعلم به الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وما فيه من قوله سبحانه: (وَمَا يُدْرِيكَ) لم يعلمه - عز وجل- به أَي: هي خير من أَلف شهر ليس فيها ليلة القدر، وسبب ارتقائها إلى هذه الغاية ما يوجد فيها من إِنزال القرآن، وتنزل الملائكة والروح فيها، وفصل كل أَمر حكيم، ولذلك فإِن العبادة فيها أَكثر ثوابًا، وأَعظم فضلًا من العبادة في أَشهر كثيرة ليس فيها ليلة القدر، والعمل القليل قد يفضل الكثير باعتبار الزمان والمكان، وكيفية الأداءِ، وهو اختيار ابن جرير، وهو الصواب كما يقول ابن كثير.