7 - (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ):
خطاب للإِنسان الكافر على سبيل الالتفات لتشديد التوبيخ والتقريع، والاستفهام إِنكاري، أَي: فأَي شيءٍ يضطرك -أَيها الإِنسان- بعد ما بينا من الدليل القاطع. على قدرة الله عز وجل على البعث والبرهان الساطع على أَنه واقع لا محالة إِلى أَن تكون مكذبًا به فإِن الله خلقك من نطفة، وقوَّمك على وجه يبهر الأذهان، ويضيق عنه نطاق البيان مع تحويلك من حال إِلى حال، وذلك من أَوضح الدلائل على قدرة الله - عز وجل - على البعث والجزاءِ.
وقيل: الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أَي: فأَي شيءٍ ينسبك إِلى الكذب بسبب إِخبارك بالجزاءِ بعد ظهور هذه الدلائل الناطقة به؟! وهذا القول اختاره ابن أَبي حاتم.
8 - (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ):
أَي: أَليس الذي فعل ما ذكر بأَحكم الحاكمين صنعًا وتدبيرًا حتى يتوهم عدم الإِعادة والجزاءِ؟! وكان النبي إِذا قرأَ هذه الآية. قال: "بَلَى وَأَنَا على ذلك من الشاهدين" ومآل الاستفهام في قوله تعالى: (أَلَيْسَ) أَن الله أَعلى المدبرين حكمة؛ ولهذا وضع الجزاءَ لهذا النوع الإِنساني ليحفظ لمن عمل منه واتقى منزلته من الكرامة التي أَعدها بأصل خلقته، وهو سبحانه لا يجوز ولا يظلم أَحدًا لأَنه أَعدل العادلين وبذلك استحال عدم كونه أَحكم الحاكمين، وتعين الجزاء بعد البعث حتى ينصف المظلوم في الدنيا من ظالمه، وليؤْتي كل ذي حق حقه، والجملة تقرير لما قبلها.
وقيل: إِن الحكم بمعنى القضاء، فهي وعيد للكفار، وبيان بأَن الله -عز وجل- يحكم على كلٍّ بما هو أَهله من الجزاءِ؛ لأَنه -سبحانه- أَحكمهم قضاءً بالحق، وعدلا بين الخلق - والله أَعلم.