تعالى: "وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا" (?) (والمشهود) يوم القيامة مستدلا بقوله تعالى: "ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ" (?). قال الزمخشري: قد اضطربت أَقوال المفسرين في المراد بهما.
وقال الآلوسي: جميع الأَقوال في ذلك -على ما وقفت عليه- نحو من ثلاثين قولا، وأَختار القول الأَول وهو أَن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة.
4 - (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ):
هذه الجملة جواب القسم أَو دليله، كأَنه قيل: أَقسم بهذه الأَشياءِ: بالسماءِ ذات البروج، وباليوم الموعد وبشاهد ومشهود أَن كفار قريش المعذبين للمؤمنين لَمَلْعُونُونَ كما لعن أَصحاب الأُخدود الذين أَلقوا المؤمنين والمؤْمنات فيه.
وذلك أن السورة وردت في تثبيت المؤمنين وتصبيرهم على أَذى أَهل مكة، وتذكيرهم بما جرى على من تقدمهم من مؤمني الأُمم السابقة -من التعذيب على الإِيمان وإِلحاق أَنواع الأَذى بهم، ولكنهم صبروا، وذلك لكي يقتدوا بهم، ويصبروا على ما كانوا يلقون من قومهم، وليعلموا أَن كفارهم عند الله بمنزلة أُولئك المُعَذَّبين الْمُحْرِقين بالنار، وهم ملعونون مطرودون من رحمة الله، فالقتل هنا عبارة عن أَشد اللعن والطرد والسخط.
وقال بعضهم: الأَظهر أَن يقدر: إِنهم لمقتولون -أَي: كفار قريش- كما قتل أَصحاب الأُخدود، فيكون وَعْدًا له صلى الله عليه وسلم بقتل الكفرة المتمردين -لإِعلاءِ دينه- ويكون معجزة بقتل رءُوسهم في غزوة بدر.
قال ابن كثير: (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ): أَي؛ لعن أَصحاب الأُخدود - وهذا خبر عن قوم من الكفار عمدوا إِلى من عندهم من المؤمنين بالله - عز وجل - فقهروهم وأَرادوهم أَن يرجعوا عن دينهم، فأَبوا عليهم، فحفروا لهم في الأَرض أُخدودًا وأَجّجوا فيه نارًا وأعدوا له وقودًا يسعرونها به، ثم أَرادوهم على الكفر فلم يقبلوا منهم فقذفوهم فيها.