ويتفقدون ما يصنعونه من حق أَو باطل؛ بل إِنما أَمر الله الكفار أَن يقوموا على إِصلاح أَنفسهم والتبصر والتفكير فيما جاءَهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربهم.
34، 35 - (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ):
أَي: فاليوم الذي تعرض فيه الأَعمال وتنشر الكتب وتحاسب كل نفس بما كسبت وهو يوم القيامة يضحك المؤمنون من الكفار -جزاءً وفاقًا - بسبب ما هم فيه من أَنواع العذاب والبلاءِ، مع ما لحقهم من الحسرة والندامة بعد ما علموا أَنهم كانوا في الدنيا في ضلال وعمى عندما باعوا الآخرة الباقية بمتاع الدنيا الفانية، فضلا عن أَن المؤْمنين قد فرحوا بفوزهم بالنعيم المقيم، ونالوا بالتعب اليسير راحة الأَبد ودخلوا الجنة، وجلسوا على السرر المرفوعة ينظرون إِلى الكفار وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار بعد العزة والكبر، وكيف يعذبون في النار وهم يصطرخون فيها ويدعون بالويل والثبور ويلعن بعضهم بعضًا.
وقيل: يفتح للكفار باب إِلى الجنة فيقال لهم: اخرجوا إِليها فإِذا وصلوا إِليها أُغلق دونهم، ويفعل ذلك بهم مرارًا فيضحك المؤمنون منهم.
36 - (هَلْ ثُوِّبَ (?) الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ):
أَي: هل جوزى وأُثيب هؤُلاءِ الكفار على فعلهم؟! وكأَن الله يقول للمؤْمنين: هل أَثبنا وجازينا هؤُلاءِ على ما كانوا يفعلونه بكم من الهزءِ والسخرية وذلك بالعذاب المقيم وتمكينكم من الضحك عليهم كما أَثبناكم على ما كنتم تعملون من الأَعمال الصالحة بهذا النعيم الجزيل الدائم والجزاء العظيم؟ والثواب -وإِن كان يستعمل في المكافأَة بالشر والخير إِلاَّ أَنه هنا يحمل على المجازاة بالخير، وأُطلق على عقاب الكفار تهكمًا بهم وسخرية منهم كما في قوله تعالى: "ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ" (?).
والآية الكريمة تزيد في سرور المؤمنين وتدل على كريم منزلتهم وعظيم مكانتهم والله أَعلم.