24 - (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ):
أَي: وما رسول الله صلى الله عليه وسلم ببخيل بما يأْتيه من الوحي، ولا بمقصر في تبليغه لكم وتعليمكم إياه.
وسمى الوحي غيبًا، لأَنه لا يعرفه، ولا يعلم حقيقته من البشر إلا الذي يوحي إليه، أو المعنى أنه صلى الله عليه وسلم ليس بمتهم على الغيب، بل هو صادق في كل ما أخبر به عن الله تعالى -وكما لم يعرف عنه الكذب في ماضي حياته، فهو غير متهم فيما يحكيه عن جبريل - عليه السلام - وذلك على قراءَة بظنين.
25 - (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ):
أي: ليس القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بقول شيطان مسترق للسمع من الملأ الأعلى حتى تقولوا إنه كهانة، ولا يتأتى أن يكون كذلك، لأن صاحبكم قد عرف بصحة العقل وبالأمانة على الغيب، فلا يكون ما يحدثكم به من أخبار الآخرة، ومن الشرائع والأحكام قول شيطان رجيم؛ قال تعالى: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (?).
26 - (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ):
بتهمهم بالضلال واعتبارهم ضلال فيما يسلكونه في أمر القرآن العظيم، أي: فأي مسلك تسلكون، وقد قامت عليكم الحجة بوضوح آياته، وسطوع براهينه، وأَحاط بكم الحق من كل جوانبكم، وذلك كما يقال لتارك الجادة اعتسافًا أو ذهابًا في بنيات (?) الطريق: هذا الطريق الواضح، فأَين تذهب؟! مثلث حالهم في تركهم الحق مع وضوحه وظهوره، وعدولهم عنه إلى الباطل مع قبحه ومقته، بحالة من ارتكب شططًا في سيره. وقيل: فأَين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه، وبيان كونه من عند الله