والبعد عنه (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) له لا غيرها أَي: نزله الذي يتمتع فيه بالنعم المقيم، والسعادة الدائمة، وعن ابن عباس أَن الآيتين نزلتا في أبي عزيز بن عمير وأَخيه مصعب ابن عمير رضي الله عنه كان الأَول كافرًا مؤثرًا الحياة الدنيا، وكان مصعب خائفًا مقام ربه ناهيًا النفس عن الهوى، وقد وفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه يوم أُحد حين تفرق الناس عنه، حتى نفذت السهام في جسمه، فلما رآه -عليه الصلاة والسلام- متشحطًا (?) في دمه قال: عند الله أَحتسبك .. إِلخ القصة، رواها الآلوسي.
42 - 44 (يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا):
كان أَهل العناد والكفر من قريش يسأَلون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة متى إِرساؤُها؟ أَي: إِقامتها وإِثباتها يريدون بسؤالهم له صلى الله عليه وسلم أَن يبين لهم الزمان الذي يقيمها فيه ويبثها جل وعلا.
وجوز أَن يكون السؤال عن المكان الذي تنتهي إِليه، أَي: متى مستقرها ومنتهاها؟ كما أَن مرسى السفينة حيث تنتهي.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يردد في نفسه ما يقولون، ويتمنى لو أَمكنه الجواب عما يسأَلون كما هو شأْن الحريص على الهداية، الجاهد في الإِقناع، فهناه ربه عن تمنى ما لا يرجى، وجاءَ النهي على صورة الاستفهام، حيث قال -سبحانه-: (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) بمعنى في أَي شيءٍ أَنت من مداومة تذكرها والتطلع إِلى إِخبارهم بوقتها؟ فإِن ذلك ليس من شأنك (?)، أَو الاستفهام إِنكار ورد لسؤال المشركين عنها، أَي: في أَي شيءٍ أَنت من أَن تذكر لهم