30 - (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا):
أَي: بعد تسوية السماء على الوجه السابق، وإغطاش اللَّيل، وإِخراج النهار (دَحَاهَا) أَي: بسطها ومهدها لسكنى أَهلها وتقلبهم في أَقطارها، ويشير إِلى أَن معنى الدحْو أَو الدحي البسط قول أُمية بن أَبي الصلت:
وبث الخلق فيها إذ دحاها ... فهم قطَّانها حتى التنادي
وقيل: دحاها: سواها.
والأَكثرون على الأول، والظاهر أَن دحوها بعد خلقها، وقيل: معه، أَي: خلقها مدحوة، وروى الأَول عن ابن عباس، ولعل المراد من خلقها أَولا ثم دحوها ثانيًا، خلق مادتها أَولا ثم تركيبها وإِظهارها على هذه الصورة والشكل مدحوة مبسوطة، كما قيل في قوله تعالى: "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ" إِلى قوله: "فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ" (?) أَي: إِن السماءَ خلقت مادتها أَولا ثم سويت وأُظهرت على صورتها اليوم.
31 - (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا):
أَي: أخرج -سبحانه- من الأَرض الماء وذلك بتفجير الينابيع والعيون، وإِجراء الأَنهار، كما أَخرج منها المرعى، ويقع على الرَّعْي وهو الكلأُ، أَو المراد به كل ما يرعى المرعيّ مما يأَكله الناس والأَنعام، وتجريد الجملة عن العاطف لأَنها بيان وتفسير لـ (دَحَاهَا) وتكملة له، فإن السكنى لا تتأَتي بمجرد البسط والتمهيد، بل لا بد من تسوية أَمر المعاش من المأكل والمشرب.
32 - (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا):
أَي: أَثبت الله الجبال في مكانها، وجعلها وقاية للأَرض أَن تميد بأَهلها، والتعبير