40 - (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا):
الخطاب لكفار قريش المنكرين للبعث.
والمعنى: إِنا خوفناكم بما ذكر في السورة من الآيات الناطقة بما في البعث وما بعده من الدواهي.
أَو بها وبسائر القوارع الواردة في القرآن العظيم (عَذَابًا قَرِيبًا) هو عذاب الآخرة، وقربه لتحقق وقوعه حتمًا، فقد قيل: ما أَبعد ما فات، وما أَقرب ما هو آت، أَو لأَنه قريب بالنسبة إِليه تعالى: "إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا" (?).
(يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) أَي: إِن الذي أَنذرناكم به عذاب كائن يوم يشاهد المكلف مؤمنًا أَو كافرًا ما قدمه من خبر أَو شر مثبتًا في صحائف أَعماله كقوله تعالى "وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا" (?) وقوله سبحانه: "يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ" (?) وقوله: "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ" (?) إِلى غير ذلك من الآيات، وما اليوم الذي يحدث فيه ذلك إِلا يوم القيامة. (وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) أي: ويتمنى الكافر فيه أَن لو كان ترابًا في الدنيا فلم يخلق ولم يكلف، أَو يتمنى ذلك في هذا اليوم فلم يبعث حتى ينجو من الحساب والعقاب، وعن أَبي هريرة وابن عمر ومجاهد أن الله يحضر البهائم فيقتص من بعضها لبعض، ثم يقول لها: كوني ترابًا، فتعود جميعًا ترابًا، فإِذا رأَى الكافر ذلك تمنى مثله، وفي ذكر قول الكافر تخصيص لأَحد الفريقين اللذين تناولهما لفظ (الْمَرْءُ) الذي ذكر في الآية وأُريد منه الكافر والمؤمن كما قيل على المشهور.