46، 47 - (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ):

(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ): هذه هي الصفة الرابعة من صفات المجرمين التي بها استحقوا دخول النار، وهي تكذبيهم بيوم الدين وهو يوم البعث والحساب والجزاء، وتأْخير جنايتهم هذه في الذكر مع كونها أَعظم من الكل لتفخيمها كأَنهم قالوا: وكنا بعد ذلك كله مكذبين بيوم القيامة ولبيان كون تكذيبهم به مقارنًا لسائر جناياتهم المعدودة إِلى آخر عمرهم جاءَ قوله تعالى: (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) أَي: حتى نزل بنا الموت ومقدماته، كما ذهب إِليه جُلُّ المفسرين، ومنه قوله تعالى: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ الْيَقِينُ" (1)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَما هو) يعني عثمان بن مظعون (فقد جاءَه اليقين من ربه)، وقال ابن عطية: اليقين عندي: صحة ما كانوا يكذبون به من الرجوع إلى الله تعالى والدار الآخرة، والظاهر أَن مجموع ما ذكر من الصفات هو سبب لدخول مجموعهم النار، فلا يقدح في ذلك أَن بعض أَهل النار من لم يكن قد وجب عليه إِطعام مسكين كفقراءِ -الكفرة المعدمين.

48 - (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ):

أَي: لو شفع لهم الشافعون جميعًا من الملائكة والنبيين وغيرهم لم تنفعهم شفاعتهم، والكلام على الفرض؛ لأَن الشفاعة لمن ارتضاه الله، وأَمَّا من لَقِيَ الله كافرًا يوم القيامة فإِن له النار لا محالة خالدًا فيها، لأَنه مسخوط ومغضوب عليه، والمعنى المقصود: لا شفاعة لهم.

49 - (فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ):

أَي: فمل لهؤلاءِ الكفرة عمَّا تدعوهم إِليه من الدين وتذكرهم به من القرآن وغيره من المواعظ معرضين ومنصرفين -قال مقاتل: الإِعراض عن القرآن من وجهين:

1 - الجحود والإِنكار.

2 - والوجه الآخر ترك العمل به.

-

(1) الآية 99 آخر سورة الحجر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015