(وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا):
أي وامح آثار ذنوبنا بترك عقوبتنا عليها، واغفر لنا بستر القبيح، وإظهار الجميل، وتعطف علينا بكرمك وفضلك، رحمة منك.
قال أبو حيان: ولم يأت في هذه الجمل الثلاث بلفظ: ربنا، لأنها نتائج الجمل التي تقدمت، فجاء: (وَاعْفُ عَنَّا) مقابل: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا). وجاءَ (وَاغْفِرْ لَنَا) مقابل: (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا). وجاء (وَارْحَمْنَا) مقابل: (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ). إلى آخر ما قال.
(أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ):
أي أنت مالكنا وسيدنا ومتولى أُمورنا. وإذ كنت مولانا، فانصرنا على القوم الكافرين الذين يريدون المكروه بنا، فمن كنت مولاء لا يضام.
روى عن معاذ بن جبل: أنه كان إذا فرغ من قراءة هذه السورة قال (آمين).
قال ابن عطية: هذا يظن أنه رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن كان ذلك فكمال، وإن كان بقياس على سورة الحمد، من حيث أن هنالك دعاء وهنا دعاء، فحسن.
وقال على بن أبي طالب كَرَّم الله وجهه: ما أظن أن أحدًا عقل وأدرك الإسلام، ينام حتى يقرأهما.
وروى مسلم في هذا المعنى، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه".
قيل: مَعْناه كفتاه من قيام الليل. كما روى عن ابن عمر. وقيل: كفتاه من شر الشيطان، فلا يكون له عليه سلطان، كما روى عن حذيفة بن اليمان.
والله أعلم.