(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا): والمخرج من هذا، أن يفسر النسيان بالترك عمدًا، فهو من معانيه اللغوية.
ومنه قول الشاعر:
ولم أك عند الجود للجود قاليا ... ولا كنت يوم الروع للطاغين ناسيا
ويفسر الخطأُ بفعل أو ترك الصواب من الواجبات - أو المنهيات - كسلا أو غواية، أو انحرافًا، فإن فسر بذلك، استقام الدعاء بعدم المؤاخذة عليهما.
وقال الزمخشري: ذُكِر الخطأُ والنسيان. والمراد ما هما سببان عنه من التفريط والإغفال. اهـ.
ومقتضى هذا: أن الذي يعرف عن نفسه النسيان يجب عليه أن يحتاط بما يُذَكِّرُهُ، وإلا كان آثمًا. وكذا المخطيء إذا لم يجتهد في تجنب الخطأ بسؤال أهل العلم.
(رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا):
أي ربنا ولا تحمل علينا عبئا ثقيلا، كما حملته على الذين من قبلنا.
والمقصود منه - كما قال ابن زيد - الذنب الذي ليس له توبة ولا كفارة.
وقيل: هو ما كلفه الله بني إسرائيل من قتل النفس في التوبة، أو في القصاص، لأنه كان لا يجوز غيره في شريعتهم، وقطع موضع النجاسة من الثوب ونحوه، وصرف ربح مال الزكاة. وما إلى ذلك.
(رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ):
يعلمنا الله بذلك: أن نستعفيه من العقوبات التي لا تطاق، بعد أن علمنا الاستعفاء مما يؤدي إليها.
ويجوز أن يكون المراد مما لا طاقة لنا به من المحن والبلايا، التي لا نطيق تحملها، كالأمراض الجسدية والنفسية، والعسر بعد اليسر، والمشكلات التي لا نجد لها حلاً ونحو ذلك.