والأَفضل منها قد لا تستلمح، وإِلا فهي داخلة في حيز الحسن غير خارجة عن حدّه أَلا ترى أَنك قد تعجب بصورة وتستملحها ولا ترى الدنيا بها، ثم ترى أَملح منها وأَعلى في مراتب الحسن، فينبو عن الأُولي طرفك وبصرك وتستثقل النظر إِليها بعد افتتانك بها وتهالكك عليها.

قالت الحكماءُ: شيئان لا غاية لهما الجمال والبيان (?):

قال القرطبي: فإِن قيل: كيف أَحسن صورهم؟ قيل له: جعلهم أَحسن الحيوان كله وأَبهاه صورة بدليل أَن الإِنسان لا يتمنى أَن تكون صورته على خلاف ما يرى من سائر الصور، ومن حسن صورته أَنه خلق منتصبًا غير منكب.

(وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أَي: إِليه وحده لا إِلى غيره استقلالا أَو اشتراكًا يكون مرجعكم ومآلكم فاصرفوا ووجهوا ما حباكم ربكم من النعم وآثركم به إِلى ما خلقت تلك النعم له كما أَمركم بذلك ولا تتخذوها عونًا على معصية الله حتى لا تتعرضوا لعذابه في الآخرة، وحتى لا يزيل الله حسنكم ويمحو جمال صوركم.

4 - {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)}:

أَي: يعلم - سبحانه - كل ما في السموات والأَرض من الأَمور الكلية والجزئية الجلية الواضحة والخفية المكنونة يعلمها - عزت قدرته - علمًا تامًّا محيطًا في كل أَطوارها وأَحوالها ولا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما ولا في غيرهما مما استأثر الله بعلمه ولم يُطلع عليه أَحدًا من خلقه، كما يعلم - تعالى - ما يشتمل عليه كونه مما نراه من أَجرام ومجرات وغيرها وما بداخل الإِنسان نفسه وقد عجز عن إِدراك كنهه والوقوف على حقيقته، ويعلم ما يسر به الإِنسان إِلى غيره ويناجيه به (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) (?) ويعلم ويحيط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015