(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) استئناف جار مجرى التعليل لِمَا آتاهم الله من آثار رحمته التي أفاضها عليهم في الدارين الدنيوية والأُخروية أي: قبل أعمالهم (وَرَضُوا عَنْهُ) بيان لابتهاجهم الذي بدت آثاره عليهم بما أُوتوه عاجلًا وآجلًا. وقد شرفهم - سبحانه بقوله: (أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ) المختصون به تعالى - وذلك تشريف لهم لا يعدله تشريفٌ ما.
(أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ): هذا بيان لاختصاصهم بسعادة الدارين، جاءَ بجملة مؤكدة تأكيدا قويًّا كما سبق بيانه قريبا.
والآية قيل: نزلت في أبي بكر - رضي الله عنه - أَخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: حُدّثت أَن أَبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم وصكه أَبو بكر صكة فسقط، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أَفعلت يا أَبا بكر؟ قال: نعم: قال: لا تعد. قال: والله لو كان السيف قريبًا مني لضربته. وفي رواية: لقتلته. فنزلت.
وقيل: نزلت في أبي عبيدة بن عبد الله بن الجراح. أخرج ابن أَبي حاتم والطبراني وجماعة عن ابن عباس عن عبد الله بن شوذب قال: جعل والد أَبي عبيدة يتصدى له يوم بدر وجعل أَبو عبيدة يحيد عنه فلما أَكثر قصده أَبو عبيدة فقتله فنزلت، وقيل: نزلت في مصعب بن عمير قتل أَخاه يوم أُحد، وقيل: نزلت في علي كرم الله وجهه، وحمزة وعبيدة ابن الحارث يوم بدر قتلوا عتبة وشيبه ابني ربيعة والوليد بن عتبة، وعلى أَي حال فالحكم عام. وإِن نزلت في أُناس بأَعيانهم كما لا يخفى.