8 - {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)}:
صح من رواية البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة - رضي الله عنها - أن أناسا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقال صلى الله عليه وسلم: وعليكم. قالت عائشة: وقلت: عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم، وفي رواية: عليكم السام والذل واللعنة، فقال - عليه الصلاة والسلام -: يا عائشة: إن الله لا يجب الفاحش ولا المتفحش، فقلت: ألا تسمعهم يقولون: السام، فقال: يا عائشة أو ما سمعت أقول: وعليكم؟ فأنزل الله تعالى (وَإِذَا جَاءُوكَ .... ) الآية.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الآية في اليهود والمنافقين، كانوا يتناجون دون المؤمنين، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم، يوهمونهم عن أقاربهم أنهم أصابهم شر، فلا يزالون كذلك حتى تقدم أقاربهم، فلما كثر ذلك شكا المؤمنون إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم أن يتناجوا دون المؤمنين، فعادوا لمثل ذلك فنزلت الآية، فمن حديث عائشة عرفنا أن النجوي كانت من اليهود، وأن الآية نزلت بسبب سوء تحيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن كلام ابن عباس عرفنا أن المنافقين كانوا يتناجون بالصورة التي رواها، ولا غرابة في ذلك فقد كان اليهود حلفاءهم قبل الإسلام، وعنهم أخذوا بعض الإسلام والمسلمين.
ومعنى الآية: ألم (?) تعلم - أيها الرسول - ما فعله أولئك الذين نهيتهم عن المسارة فيما بينهم في شأنك وشأن المؤمنين، ثم يعودون لما نهوا عنه ويتسارون بالإثم والعدوان عليكم، وبمعصية الرسول صلى الله عليه وسلم حيث لم ينتهوا عما نهوا عنه، وإذا جاءوك لأمر من الأمور حيوك بما لم يحيك به الله، فقالوا: السام عليك - والسام: الموت - وقد ثبت عن قتادة عن أنس أن يهوديا أتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي أصحابه فقال، السام عليكم - فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم